مدونة خالد

الجزء الشفاف.. من مفكرتي

رمضان والغضب: إعجاز في حديث

منذ سنوات، وأنا أبحث في موضوع الغضب، وذلك لتأثيره الكبير علي في السابق.. كنت إذا غضبت، فما عليك إلا أن تغرب عن وجهي حتى ولو كنت غير المقصود، حتما ستصيبك شرارة من شرارات غضبي.. لا تحاول تهدئتي لأن غضبي سيزيد.. أما إن كنت سبب غضبي فإما سأضربك إن كنت لا تساوي عندي شيئا وإما سأضرب جدارا حتى تنتفخ يدي تنفيسا عن غيظي إذا كنت ممن لا أستطيع الصراخ في وجههم.. عنترة بن شداد والسلام ههههه
قد يستغرب بعض الأصدقاء وقد يخافون (عامل فيها صعصع ^_^) لكني أطمئنهم وأقول إن ذلك كان قبل أن أقرر رسم شخصية خالد من جديد ^_*

كتبت في 2009 أول موضوع لي عن الغضب بعنوان "كم عمرك عند الغضب؟" ثم أتبعته بآخر في جزءين (َ1، 2) أدعو فيهما الناس للغضب ^_^ أقصد أنها دعوة ساخرة أعدد فيها "منافع" الغضب. ثم واصلت البحث إلى أن وصلت إلى قناعة راسخة مفادها أن الإنسان السوي لا يغضب.

غير أن ما أثارني هو كثرة العراكات والسباب والشتائم في رمضان.. إذ ما عليك إلا أن تختار حيا شعبيا قبيل المغرب بقليل لتشهد معارك دامية وتسمع ما لم تسمع في حياتك من كلام بذيء. فتساءلت: كيف يكون الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِذا كانَ يومُ صومِ أحدِكم فلا يَرفُثْ ولا يَصخَب، فإِن سابَّهُ أحدٌ أو قاتَلهُ فلْيَقُلْ إِني امرؤٌ صَائِم » كافيا شافيا، مانعا لهذه الخصامات. وهنا بدأت الرحلة العجيبة:

لنعد أولا إلى معلومتين أساسيتين حول تشكل المشاعر:

1- من الأفكار إلى الطباع:

تستقبل الحواس إشارات من العالم الخارجي (أصوات، صور، روائح...) فيشكل العقل بناء عليها فكرة معينة.. هذه الفكرة تولد شعورا يماثلها في الإيجابية أو السلبية. هذا الشعور هو الحافز لتوليد فعل يتحول بتكراره إلى سلوك يتحول بترسيخه إلى طبع.

مثال: تلتقط العين صورة متسول => الفكرة: إن أعطيته المال فلن يكفيني ما تبقى لقضاء أغراضي => شعور سلبي تجاه إعطاء المال => عدم إعطاء المتسول (ملاحظة: التروك أفعال) => بتكرار الفعل يصبح عدم إعطاء الصدقة سلوكا => يترسخ السلوك فيصير البخل طبعا من طباع المرء.

مثال معاكس: تلتقط العين صورة متسول => الفكرة: إن ساعدته سيرسل الله آخرين لمساعدتي => شعور إيجابي تجاه إعطاء المال => إعطاء المتسول صدقة => بتكرار الفعل يصبح التصدق على الفقراء سلوكا => يترسخ السلوك فيصير الإنفاق طبعا من طباع المرء.

2- العقل يبني على آخر تجربة:

تأخرتَ عن البيت.. انزعج أهلك.. عدت لتخبرهم أنك فقط كنت مع صديق لك.
تأخرت المرة الثانية.. لم يقلق أهلك، لأنهم يعتقدون أنك مع صديقك ^_* لكنك أخبرتهم عند العودة أنك تعرضت لسرقة أو محاولة اختطاف.
تأخرت مرة أخرى.. لن يعتقدوا أنك مع صديقك، بل ستبني عقولهم على حادث السرقة الأخير في البداية.. وبقدر تحكمهم في تفكيرهم ستتصارع الأفكار الأخرى القديمة مع الجديدة...

سنسقط المعلومة الأولى على موضوع الغضب:

بعد التقاط إشارات بواسطة الحواس يشكل العقل أفكارا من قبيل: هذا الشخص أهانني، هذا الشخص يستحق العقاب، إن تركته دون رد تمادى وتجبر... الخ فينشأ شعور سلبي الذي هو الغضب في هذه الحالة. فتنتج أفعال مبنية على هذا الشعور: سب، ضرب، تكسير... فكيف يمكن إذن لقولة من ثلاث كلمات "إني امرؤ صائم" أن تؤثر؟؟
السر في كلمة "فليقل".. لم يقل الحبيب صلى الله عليه وسلم "فليتذكر أنه صائم" أو شيئا من هذا القبيل.

لنسقط المعلومة الثانية على الحالة:

إذا سب أحد صائما = استقبلت الحواس إشارات سيتم بناء عليها بناء الفكرة التي قد تسبب الغضب وبالتالي الرد بالمثل، فإذا قال: إني امرؤ صائم: أعطى إشارات جديدة (صوت = كلما كان مسموعا أكثر كلما كان مؤثرا أكثر) فيعتمد العقل عليها لتشكيل فكرة جديدة تسبق تولد الشعور الأول أو في أبطإ الحالات تسبق الفعل المبني على الفكرة الأولى.. فتكون الإشارة (صوت= إني امرؤ صائم) فكرة جديدة = إن رفثت بطل صومي، فيتولد شعور سلبي تجاه السب \ شعور إيجابي تجاه عدم الرد، فيكون الفعل مناسبا يحفظ للإنسان صومه.
أي إن قول "إني امرؤ صائم" يبني فكرة جديدة فوق تلك القديمة فيبني عليها العقل تلقائيا.. قد تجد مقاومة من الفكرة السابقة.. لكن بقدر تكرار الفكرة وترسيخها تصير قوتها أكبر بحيث تصبح كالصابون إذا نزل على الدهون.

ومنه فإن شهر رمضان مدرسة ولا أروع في بناء الأفكار والمعتقدات والتحكم في المشاعر، والحديث ليس فيه إجازة للسباب في غير الصوم بل تدريب إن قمنا به على الوجه المطلوب خرجنا منه وقد ترسخت العادة وودعنا الغضب بابتسامة عريضة مفادها "بلا رجعة إن شاء الله"
"وما ينطق عن الهوى".. إنه معلمنا الأول وأب المربين صلى الله عليه وسلم. التمعن في كلامه يؤكد لي يوما بعد يوم كم نحن أغبياء عندما تخلينا عن البحث والتعمق في القرآن والسنة، واكتفينا بكتب علماء ومفسرين قدموا أفضل ما عندهم في حقبة من الحقب ولم نطور ذلك الإرث.

عدد التعليقات: 7

مدونة گـولـها يقول...

تدوينة قيمة
ومفيدة
كصاحبها
أي نعم لو تذكرنا أننا صائمون وأنه في لحظة من غضب وبكلمة من غضب سنبطل الصوم لما غضبنا
" قال لا تغضب "
وقال صلى الله عليه وسلم : " ولكن الشديد من يملك نفسه ساعة الغضب "
لا أغضبك الله يا أخ العرب
فالعجب كل العجب يظهر في لحظة غضب

admin يقول...

تدوينة رائعة.. بارك الله فيك عزيزي..

كنت هنا..

محمد ايت دمنات يقول...

موضوع قيم استاذ خالد
فعلا الغضب سمة كثيرين في هذا الشهر الفضيل للاسف الشديد انى اتجهت السوق ،حي شعبي ....بعيدا عن توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم
اللهم رد بنا ردا جميلا
تحياتي

فاطمة الزهراء الإبراهيمي يقول...

شكرا على المعلومات القيمة مع أنني لا أوافقك الرأي في تلك القناعة الراسخة:
"إلى أن وصلت إلى قناعة راسخة مفادها أن الإنسان السوي لا يغضب."

فاطمة الزهراء الإبراهيمي يقول...

شكرا على المعلومات القيمة مع أنني لا أوافقك الرأي في تلك القناعة الراسخة:
"إلى أن وصلت إلى قناعة راسخة مفادها أن الإنسان السوي لا يغضب."

Unknown يقول...

شركة مكافحة حشرات بالدمام

شركة رش مبيدات بالدمام

شركة مكافحة النمل الابيض بالدمام

شركة رش مبيدات بالخبر

شركة مكافحة النمل الابيض بالخبر

شركة مكافحة حشرات بالخبر

شركة مكافحة النمل الابيض بالجبيل

شركة مكافحة حشرات بالجبيل

شركة رش مبيدات بالجبيل

شركة مكافحة حشرات بالقطيف

شركة مكافحة النمل الابيض بالقطيف

شركة رش مبيدات بالقطيف

التميز المثالي للخدمات المنزلية يقول...

شركة تاج للتنظيف بالدمام 0551844053

شركة رش مبيدات بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالدمام

شركة تنظيف شقق بالدمام

شركة تنظيف فلل بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالخبر

شركة تنظيف منازل بالخبر

شركة تنظيف شقق بالخبر

شركة تسليك مجارى بالدمام

شركة تنظيف بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالاحساء

شركة مكافحة النمل الابيض بالاحساء

شركة مكافحة حشرات بالجبيل

شركة مكافحة النمل الابيض بالجبيل

شركة تنظيف منازل بالجبيل

شركة تنظيف شقق بالجبيل

شركة مكافحة النمل الابيض بالدمام

إرسال تعليق