مدونة خالد

الجزء الشفاف.. من مفكرتي

سؤال 5 نجوم في مطعم مظلم


بعد قضاء بعض الأغراض بسرعة، هممت عائدا إلى محطة القطار، فأنا لم أعتد المكوث في ذلك المكان إلا للعمل..
بقي على موعد القطار نصف ساعة.. هل سأقضيها متسكعا؟ هل أجلس في المحطة منتظرا تلك الدابة الطويلة.. الأمر ممل فعلا.
وبينما أنا منهمك في التفكير، لمحت مطعما شعبيا، فوسوست لي معدتي بالدخول رغم أن الرقيب في داخلي ذكرني بنصيحة والدي بعدم الأكل من أماكن لا أعرفها خصوصا عند السفر.

استقبلني صاحب المحل بابتسامة عريضة.. بدأت أتأمل المأكولات المحيطة به: سمك مقلي، صحن كبير من "البقولة" وآخر يضم قطعا من الباذنجان المخلل، كرات "المعقودة" التي أنهكها الزيت تطل من صحن خلف ظهره. فسألته: "شنو كاين؟" فبدأ يسرد علي قائمة الوجبات المتوفرة، والتي لم أفهم منها إلا اللوبيا والحمص.. لهجة المنطقة التي لم أتعود عليها كثيرا كانت عاملا أيضا. فمعاني الكلمات تختلف كثيرا عن مثيلاتها في لهجتي.. "سلامة ولا ندامة" ^_^
طلبت صحنا من اللوبيا وبعض السمك وقليلا من البقولة، ولا أدري لماذا حاول إقناعي بأن "المعقودة" والله حتى د اليوم (يعني كتكون ديال البارح بعض لمرات هههه). وهنا يبدأ الفيلم الحقيقي:

على طاولة خشبية أشبه بطاولات العصر الحجري وكرسي من الخشب بإطار حديدي جلست أتأمل المكان الخالي إلا من بعض الأشخاص الذين يبدو عليهم أنهم من الدواوير المجاورة جاؤوا إلى "المدينة" لقضاء أغراضهم والاستجمام (على الهامش،و على ذكر اللهجات: "لقضاء" بلغة فؤاد وكاد ستصبح "لقطاء".. شفتي الخطورة د اللهجة ديالك؟؟)
صنبور تحتاج لفركه قبل استعماله، وفوطة أشبه "بمنديل صفية، جيت نمسح فيه مسح فيا".. أعطاني ورقا بديلا عن الفوطة وهو مستغرب من غسلي يدي في البداية - يبدو أنه اعتاد على رؤية هذا المنظر في النهاية فقط هههه - 
ما علينا، وضع الصحون على الطاولة، فإذا بصحن اللوبيا يضم قطعا من معدة البقر، ففهمت أنها "التقلية" التي وافقت على إضافتها دون أن أعرف معناها، توقعتها شيئا له علاقة بالقلي والزيت، ولحد الآن أجهل الرابط بين الاسم والمسمى ^_^
كان الأكل لذيذا (موسخ وبنين ^_^) لكني لم أقترب من قطع المعدة، فهي ليست ضمن قائمة الأغذية التي تجلب اهتمامي على الإطلاق حتى في عيد الأضحى.
رفعت عيني صوب التلفاز، لأجد فيلما هنديا قديما جدا، وصاحب المطعم عايش الفيلم: "عندك عندك.. هرب أ لمسخوط.."إنه يخاطب البطل.. صافي كمالت الباهية ههههه
وجهت عيني صوب الصحن حتى أعرف ما يدخل إلى جوفي، لكن صيحة فرح عجيبة من صاحبنا أفزعتني.. لقد شاهد راية المغرب في وصلة إشهارية بقناة الأفلام الهندية.. كل ما في الأمر أن الوصلة كانت لمنتوج ضد الصلع، ومن بين الموزعين وضعوا راية المغرب ورقم هاتف الموزع.. أضحكتني سذاجته، وحملتني عفويته الصادقة في رحلة عجيبة.
قمت لأدفع الحساب، فإذا به يلاحظ أن الصحون لم تلحس كما فعل الباقون، بل لازالت قطع التقلية كما هي.. فسألني بصوت منخفض يغمره الأدب: "ياكما ماعجباتكش الماكلة؟" وإشارة يده تدل على أنه مستعد لعدم أخذ المقابل. أدهشني حرصه على راحة الزبون بل وعتماده على معايير محددة لتقييم عمله ومدى رضا زواره عنه.
أخبرته مبتسما أن كل شيء على ما يرام فقط، بل إن مقدار الطعام كان أكبر من طاقتي.. ابتسم مرتاحا وحمد الله على الإجابة التي حبس انتظاره لها أنفاسه.

غادرت المطعم نحو محطة  القطار وذهني منشغل بتحليل هذه الواقعة.. مستوى  الخدمة والحرص على راحة الزبناء عال جدا، ولا يختلف المطعم عن المطاعم غالية الثمن إلا من حيث التجهيز والنظافة ونوع القناة التلفزية. تذكرت حينها المعلومة التي تقول: "إن دقة الملاحظة والانتباه عند رعاة البقر الذين يسيرون قطيعا من مئات الرؤوس تقارب بشكل كبير دقة  الملاحظة والانتباه عند المسؤولين بأبراج المراقبة بالمطارات" لأتأكد مرة أخرى أن للعديد منا مهارات تساوي الكثير، لكن التربة التي نضع فيها هذه المهارات تؤثر بشكل كبير على سرعة النمو..

لندركْ قدراتنا ومهاراتنا أولا، ثم لنختر لها تربة صالحة تساعد على إبرازها، ولنغادر دائرة الأمان التي تجعلنا نكبت طاقاتنا، فنصبح "بحال مول الرموك اللي كيفرق به النعناع"

عدد التعليقات: 4

سناء يقول...

و هذا ما أحاوله دائما تمريره من خلال بعض تدويناتي

هنالك ما هو أهم من مجرد شكل ... هنالك المضمون ... هو الأساس و هو فيصل

اعجبتني تدوينتك

Unknown يقول...

تدوينة رائعة ...انا على العكس""كان حماق على التقلية ...:°) ""

فاطمة الزهراء الإبراهيمي يقول...

هادي سيدي سليمان ؟ ههه

Unknown يقول...

شركة رش مبيدات بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالدمام

شركة مكافحة الصراصير ببقيق

شركة مكافحة الصراصير بعنك

شركة مكافحة الصراصير بالجبيل

شركة مكافحة الصراصير بالقطيف

شركة مكافحة حشرات بالظهران

شركة مكافحة الصراصير براس تنورة

شركة مكافحة الصراصير بسيهات

شركة مكافحة الصراصير بالخبر

شركة مكافحة الصراصير بالدمام

إرسال تعليق