لم أكتب تدوينة منذ مدة، بل عدد من المسودات ينتظر التفاتة مني لأطلق سراحها. لكن عملي وانشغالاتي الحالية لا تسمح بجعل التدوين بانتظام مسألة أولوية.. وتبقى متابعة جديد المدونين أمرا لا يقبل الإلغاء.
غير أن موضوعا أثارني بشدة، جعلني أؤجل نشر تدويناتي وأعطي حق السبق لهذه الأسطر.

تكررت كثيرا في الأيام الأخيرة تدوينات الوداع التي يكتبها المدونون (خاصة المعربون منهم) إعلانا عن نهاية مشوارهم التدويني. وهذه كلمات مني لهم، أرجو أن يقرؤوها جيدا ويلتقطوا الإشارات التي بين السطور:

عاش التدوين المغربي لحظات مخاض عسيرة.. اختلاف الرؤى، تناقض الإديولوجيات، حرب اللغات واللهجات، تحدي السلطات... ثم وفي لحظة قاتمة ظهر ملتقى المدونين المغاربة بتيفلت الذي كان النور الذي لاح في نهاية النفق.. ونحن نقترب أكثر، ازداد توهج النور عندما وصل القطار إلى مدينة الصويرة. رفعنا سقف الطموحات، وضربنا موعدا في القنيطرة.. لأسباب شخصية لا علاقة لها بالتدوين  لم يكتب لنا اللقاء. لكن التأجيل كشف النقاب عن عدة "كلاكيع" في الجسد التدويني.. أكيد أن المدونين شعروا بنوع من الفتور بعد تأجيل موعد كان العديد يعول عليه لتصفية بعض الملفات العالقة، وافتتاح مشاريع طال انتظارها، لكنه لا يمكن أن يكون سببا رئيسيا في الانسحابات الكثيرة، المفاجئة وغير المبررة لعدد من المدونين والمدونات، سواء من إدارة الملتقى أو من التدوين بصفة عامة.. فكم من مؤسسات كبرى وأحزاب عتيدة أجلت ملتقياتها ومؤتمراتها، وكل شيء يمر على خير ما يرام، إلا إذا كان بنادم على سبة، ولا أعتقد أن ذلك حال شباب التدوين الذين آمنوا بالقضية.
هناك إذن حلقة ناقصة، وعلينا الاستعانة بمحقق مثل كونان ليكشف لنا هذا القاتل التسلسلي الذي يخنق المدونات الواحدة تلو الأخرى رغم محاولات التنفس الاصطناعي (الرغيب والمزاوكة) التي نقوم بها كلما رمى أحد المدونين بانسحابه في وجهنا.
ما هكذا تورد الأبل، وما هكذا سندافع عن التدوين المغربي الذي رغم تميزه لم يتمكن بعد من تسويق صورته بشكل جيد. أخطاء الأفراد لا يمكن أن تكزن يوما سببا في ابتعادنا عن التدوين.. كل المشاكل صغرت أو كبرت تحل بالنقاش الهادئ الرصين البعيد عن "التكوليس". عندنا مجموعة من الإخوة والأخوات قادرون على التحليل والتمحيص والبحث عن الحلول.. لنستشرهم، لنشاركهم مشاكلنا الخفية.. وحتما سنصل.

نحن الآن في عنق الزجاجة، منا من سيفضل العودة إلى تلك المساحة المحدودة بالأسفل باعتبارها أوسع مما نحن فيه، ومنا من سيقرر مواصلة الطريق والصير على الضيق بحثا عن ذلك الفضاء الحر الرحب الجميل.. أرجو أن يقع الاختيار على المواصلة.. والفاهم يفهم