مدونة خالد

الجزء الشفاف.. من مفكرتي

الحاجة للإنجاز.. والتشبث بالوهم

بدأت كتابة هذه التدوينة وقت الضجة الخاصة بالفيلم المسيء للحبيب صلى الله عليه وسلم.. غير أن ظروفا كانت تعرقل الكتابة.. فاكتشفت مع الوقت أن التأخر كان ليقدر الله حدوث أشياء تسند ما أردت التحدث إليه، وها أنذا أضيف كل ذلك إلى هذه التدوينة.

كحافز على مواصلة الحياة، يحتاج الإنسان - حسب ديفيد ماكليند - إلى الإنجاز (إلى جانب القوة والعلاقات\الانتماء)، وهو أمر لا يختلف فيه اثنان.. فالإنجاز، أو بتعبير آخر الإنتاج هو وقود الاستمرارية.. وإذا شعر المرء أنه غير منتج ولا سيرة إنجازات يملكها تملكه الشعور باليأس، ولربما كانت تلك بداية الموت البطيء. كما أن الإنجازات بتكرارها تصبح أمرا مكتسبا، فتخبو دافعيتها، وبالتالي يطمح المرء لما هو أكبر لإشباع تلك الحاجة النفسية الجميلة. حينها تدور عجلة التقدم.

الحاجة للإنجاز، كباقي الحاجات، تشبع بطريقتين: منظمة، من قبيل "أنا عطشان.. أشرب ماء" أو غير منظمة، من قبيل "أن عطشان.. لا أجد ماء.. أبحث عن شيء آخر يروي ظمئي" وفي الثانية يكمن الخطر، فقد يستهدي المرء إلى مشروبات غير صحية أو غير مشروعة لإطفاء العطش.
هو بالضبط ما يحدث الآن في العالم العربي الإسلامي.. بعد استحواذ اليأس والجهل والفقر على الشعوب، صار إشباع الحاجة للإنجاز بطريقة منظمة أمرا صعب المنال، فكان البديل إيهام النفس \ الشعب بتحقيق الإنجازات:

ناسا تصل إلى المريخ، لترتفع أصوات المغاربة افتخارا بابن بلدهم كريم الودغيري الذي عين على رأس فريق الاستطلاع، ليجدوها فرصة لسب وشتم النظام باعتبار أنه لو أتاح لهم الفرصة لصنعوا العجائب، وكريم نموذج على براعة العقل المغربي...
المصريون، إخواننا في كل شيء، حتى في العيش في الوهم، طبلوا وزمروا للمهندس عصام حجي العالم الفضائي بنفس الوكالة كما فعلنا مع كريم..

القاسم المشترك المحزن، أن كريم وعصام مواطنان أمركيان، يحملان الجنسية الأمريكية، وإنجازاتهما هي في سجل الأمريكان وليس في سجلاتنا نحن.. فلم الفرحة؟؟ ماذا حققنا نحن؟؟ إنها الرغبة في إشباع الحاجة للإنجاز.. ولو عن طريق الوهم.

تهدأ العاصفة، لتهيج من جديد مع الفيلم المسيء لحبيب صلى الله عليه وسلم.. هنا تقوم هند السايغ الأستاذة المسلمة بتقديم فيلم وثائقي في الجامعة.. تعالت الهتافات والتصفيقات للأستاذة "المغربية" وبدأ الافتخار بجاليتنا، والذي ينصت فعلا لمداخلتها يدرك الوهم الذي عشناه مرة أخرى. تقول هند بالحرف (00:28): "... وهكذا أختار، أنا كمسلمة أمريكية، أن أرد على هذه الإساءة...".


 تقولها صراحة، لكن حاجتنا للإنجاز تغلبنا وتدفعنا للكذب على أنفسنا قليلا حتى نحدث استقرارا نفسيا، ولو مؤقتا.

في عالم الرياضة، وبعد كثرة الانتكاسات، عاش المغاربة فرحة لا توصف عند التأهل لكأس إفريقيا على حساب الموزنبيق، علما أننا لم نضف إلى سجل الإنجازات شيئا.. وقبلها ذهلت عندما وجدت المعلقين والمحللين يحسبون الميداليات التي حصل عليها العرب في الأولمبياد.. من أجل الوهم وصناعة الإنجاز، تحققت الوحدة العربية ^_^ لأنهم لو تفرقوا لكانت الأصفار الرقم الطاغي على النتائج.

بعد قفزة فيليكس، يستيقظ البعض، ويبدؤون بمقارنة إنجازاتهم بإنجازات غيرهم، فتكشف عرواتهم ويكادون يستيقظون من سباتهم


يجد الواهمون نفسهم أمام خيارين اثنين لإشباع رغبتهم وحاجتهم إلى الإنجاز: إما أن ينجزوا ما هو أهم وأكبر وأعظم، وإما أن يقللوا من قيمة إنجازات الغير أو يوظفوه لمصلحتهم.. ولأن اليأس والكسل ينخران الإنسان العربي بشكل خطير جدا، يختار أغلبهم الحل الثاني، فنجد من تعليقات كثيرة من قبيل:
فيليكس يسقط والشهيد يرتفع.. من الأحق بالإعجاب
ليس غريبا، فنبينا وصل في الإسراء إلى ما هو أبعد
القفزة خطة أمريكية لشغل الناس عما يحدث في سوريا (نظرية المؤامرة التي أمقتها)
...
وتعليقات أخرى ليس الهدف منها بالدرجة الأولى التقليل من العمل، بل حفظ ذلك التقدير للإنجازات المحققة عند الفرد \ الشعب.
لم تتوقف محاولات العيش في الوهم عند هذا الحد، بل وصلت عند غيرهم إلى محاولة إقناع الناس أن الله تعالى ييسر للغرب كل هذه الإنجازات ليتعرفوا أكثر على الإسلام ويؤمنوا به.. وبما أننا لدينا أعظم شيء، فنحن نسبقهم "المساكين" بالشيء الكثير.. فكرة تعطي لصاحبها عذرا ومبررات مقبولة بعدم العمل تخفف عليه شعوره بالتفاهة:


فمتى يستيقظ الواهمون؟ ومتى يدركون أن الإنجاز الذي هو وقود الحياة يأتي بالعمل والكد والمواصلة؟ ومتى يقتنعون أن الهروب لم يكن حلا في يوم من الأيام؟ متى يقررون فعلا أن يعملوا بالحكمة القائلة " لا ترم أخطاءك تحت السجادة.. ادفع الثمن.. وواصل الحياة"؟؟

عدد التعليقات: 5

Unknown يقول...

مقال أكثر من رائع يشخص بشكل مباشر علة من علل الشعوب العربية جزاكم الله خيرا

غير معرف يقول...

سلمت اناملك ،وبارك الله فيك اخ خالد .وازيد على المقال انه بقدر رغبة الانسان العربي لتحقيق الانجاز بقدر ابتعاده عن اداء واجبه والقيام بمسؤوليته ،فكيف له ان ينعم بحلاوة الانجاز الا وهما،اللهم انا نسألك الاخلاص في القول والعمل.ومن منبري هذا ادعو ذوي الالباب للاخذ بالاسباب فلا عسل دون لسع نحل والعمل العمل العمل...

عبد الهادي اطويل يقول...

في الصميم!

محمد ايت دمنات يقول...

أصبت أخي خالد فعلا مع كثرة الإخفاقات في كل المجالات صار التعلق بالوهم او توهم الانجازت ديدننا مفتخرين تارة ومشككين تارة أخرى ...وقد وجد الكثيرون رؤساء و مرؤوسين في الرياضة ضالتهم ...
فهل غلى انجازات فعلية من سبيل ؟
تحياتي

التميز المثالي للخدمات المنزلية يقول...

شركة تاج للتنظيف بالدمام 0551844053

شركة رش مبيدات بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالدمام

شركة تنظيف شقق بالدمام

شركة تنظيف فلل بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالخبر

شركة تنظيف منازل بالخبر

شركة تنظيف شقق بالخبر

شركة تسليك مجارى بالدمام

شركة تنظيف بالدمام

شركة مكافحة حشرات بالاحساء

شركة مكافحة النمل الابيض بالاحساء

شركة مكافحة حشرات بالجبيل

شركة مكافحة النمل الابيض بالجبيل

شركة تنظيف منازل بالجبيل

شركة تنظيف شقق بالجبيل

شركة مكافحة النمل الابيض بالدمام

إرسال تعليق