آية صدمتني
مايو
13
قبل يومين، سألت على حسابي في الفيسبوك: ما هي أعظم قوة أعطاها الله تعالى للإنسان؟؟ اختلفت الإجابات وتنوعت. ثم قررت أن أنشر مرة أخرى منشورا أوضح فيه أن أعظم قوة هي قوة الاختيار.. فبدأت أعد الدلائل على ذلك، والتي من بينها كانت الآية الكريمة "قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" البقرة 30، غير أني سرحت متأملا هذه الآية لأصدم من عظم المعاني التي لمستها فيها. سأسردها هنا بدء بقوة الاختيار، الدافع الأول للتأمل، لتليها المعاني الأخرى:
قوة الاختيار:
عندما تعرف الملائكة عمن هو هذا المخلوق الجديد، لم تثرهم لا نعمة العقل ولا الإيمان الذي يمكنه أن يزيد (بخلاف إيمانهم الثابت) ولا لقب "خليفة" الذي أعطاه الله للإنسان. لكن قدرته على الاختيار دفعتهم للاستفسار.. هم دائمو التسبيح والتقديس، لكنهم مسيرون لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يومرون فقط. فلم يستوعبوا هذه القوة التي أثارت اهتمامهم أكثر من باقي القوى والنعم التي مد الله سبحانه بها بني آدم.. ما يجعلها تستحق أن تكون بالفعل أقوى وأعظم نعمة وهبت للبشر.. طبعا للنعم الأخرى قدرها العظيم أيضا.
وهذه رسالة لكل من يتوهم أنه "مضطر" وأن هناك آخرين يتحكمون في مسار حياته ليعيد ترتيب أوراقه، فقد أعطاه الله تعالى جزء من ألوهيته على قدر بشريته، وما كان لخليفة الله في أرضه أن يكون مسيرا من طرف مخلوق آخر
طلب الأحقية والمبادرة بتحمل المسؤولية:
تساءل الملائكة: كيف يعقل أن يكون خليفتك يا الله يفسد في الأرض ويسفك الدماء، في الوقت الذي نجلك دائما ونقدسك ونسبح بحمدك؟ وكأن هناك خطابا ضمنيا فحواه: ألسنا الأحق؟ إن لنا من المواصفات ما يخول لنا أن نكون خلفاءك بدل مخلوق بهذه المواصفات.. نجد هذا الموقف نفسه تقريبا في قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما قال للعزيز: "اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم" يوسف 55، أي إنه إلى جانب تلك الأحقية، بادر الملائكة لطلب تحمل المسؤولية وخلافة الأرض لما رأوا في نفسهم من قدرة، وكذلك فعل الصديق عندما لمس في نفسه الأمانة والعلم بادر إلى تحمل مسؤولية الخزائن.
وهذه رسالة لكل من يبتعد عن المجالين السياسي والدعوي خصوصا وباقي المجالات عموما وهو يملك من الوسائل والعلم ما يمكن أن يطور به مستوى البلد، بدعوى أن "ديك الشي في حريق الراس وانا ما خصني صداع".
الجرأة:
صدمت عندما ركزت العدسة على الطريقة وليس المحتوى: كيف لهذه المخلوقات الصغيرة جدا أمام عظمة الله وجلاله، تتجرأ وتسأله بدل أن تقول: سمعنا وأطعنا، وهي المخلوقات المأمورة التي لا تعصي أمرا؟؟؟؟
بعد تأمل، تجلى لي أنها لم ترفض الطلب ولم تعصه بل تساءلت طلبا للتوضيح. ما ساعدني على فهم ذلك سؤال أبينا إبراهيم عليه السلام: "قال رب أرني كيف تحيي الموتى".. لا يمكن إطلاقا التشكيك في إيمانه، فالسؤال لم يكن "أ تحيي الموتى؟" بل سأل عن الكيفية والطريقة، ما يعني أن أمر الإحياء لا شك فيك.. (وكمثال مبسط: إذا سألتك هل تعرف استخدام الحاسوب، فالأمر يختلف إن سألتك كيف تشغل الحاسوب.. الثاني يفرض ضمنيا أنني أدرك أنك تعرف، فقط أسأل عن الطريقة بينما الأول يفتح مجالا للشك في قدراتك)
وهذه رسالة لكل من يخاف من التساؤل والبحث عن الحقائق وطلب التوضيح من أي كان مهما علا منصبه ومهما ارتفعت قيمته.. الأمر غير واضح لك؟؟ استفسر ولا تشكك.
رد الله تعالى عن التساؤل:
هنا قلت وقلبي يرتجف فرحا: ما أعظمك ربي
رب العزة، إله الكون وخالقه لم "يقمعهم" ولم "ينهرهم" ولم يقل لهم "كيف تجرؤون؟" كلا وحاشى.. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. بل أجابهم بما يفهمونه.. بالبرهان والدليل، عرض على الملائكة المخلوقات ليسموها فاعترفوا بضعفهم فأمر آدم أن يخبرهم بأسمائها ليبين لهم أن هذا المخلوق له مواصفات أخرى لا تملكها الملائكة.. فسجدوا لهذا المخلوق العظيم. (نفس التعامل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام في موضوع إحياء الموتى).. إنه الحوار في أرقى صوره
رب العزة، إله الكون وخالقه لم "يقمعهم" ولم "ينهرهم" ولم يقل لهم "كيف تجرؤون؟" كلا وحاشى.. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. بل أجابهم بما يفهمونه.. بالبرهان والدليل، عرض على الملائكة المخلوقات ليسموها فاعترفوا بضعفهم فأمر آدم أن يخبرهم بأسمائها ليبين لهم أن هذا المخلوق له مواصفات أخرى لا تملكها الملائكة.. فسجدوا لهذا المخلوق العظيم. (نفس التعامل مع سيدنا إبراهيم عليه السلام في موضوع إحياء الموتى).. إنه الحوار في أرقى صوره
وهذه رسالة لكل مسؤول عامة وللمربين خصوصا، العقل يسبق الأدب، ولا مجال لـ "عيب" و"حرام" و"حشومة"... الخ ما لم تكن مدعومة بتبريرات تفهمها عقول المخاطبين، ومن بين الأمثلة التي يمكن أن نستدل بها قصة طالب الإذن بالزنا وصاحب المولود الأسود كيف تعامل معهما الحبيب المصطفى.
وأنا أتأمل هذه الآية التي مرت عليها العين مرات ومرات أدركت أن مرور القلب والعقل عليها هو الأصح وهو المطلوب، ولو أننا تعمقنا فيما جاء فكتابنا الحكيم لاستنبطنا كل المفاتيح الذهبية التي تجعل الحياة جنة صغرى توصل إلى جنة كبرى.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
عدد التعليقات: 9
كثيرة هي المعاني واعلبر والنعم التي لا نلقي لها بالا أخي خالد
ومنها هذه التي تحدتث عنها
كلي يقين أن لا أحد كان يفكر في هذه النعمة بعذا التعطيم والتقدير
ما اعظم الخالق و ما اعمق دلالات آياته الكريمة وما أحجنا لتدبرها كل حين لسب أغوارها..
شكرا لك اخي خالد على مجهودك هذا و دمت وفيا لتأصيل نصائحك وتوجيهاتك و برامجك مما تيسر لك من كتاب الله
راائع...صراحة اعدت لي احساس كنت قد احسسته بعد الانتهاء من كتاب كان بعنوان "مفاهيم ينبغي ان تصحح" (لمحمد قطب)..الله يهدينا
ما اعظم الخالق و ما اعمق دلالات آياته الكريمة وما أحوجنا لتدبرها كل حين لسبر أغوارها..
شكرا لك اخي خالد على مجهودك هذا و دمت وفيا لتأصيل نصائحك وتوجيهاتك و برامجك مما تيسر لك من كتاب الله المعجز
الله يزوجك بشي قرطاسة
كما لمست ان الله سبحانه وتعالى استشار مع الملائكة في خلق البشر رغم انه القادر مقتدر فالله سبحانه وتعالى يعلمنا ان نستشير حتى ومع من هم اقل منا وكما ان الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستشير اصحابه.لفأين نحن من هذا الله وما هدينا وهدي بينا يارب
نور على نور و سبحان من يهدي لنوره من يشاء ... ليتنا نقرءه بقلوبنا كما تفضلت أخي خالد
بارك الله فيك و في قلمك و علمك
استفدت :) جزاك الله خيرا
كنت هنا
شركة تاج للتنظيف بالدمام 0551844053
شركة رش مبيدات بالدمام
شركة مكافحة حشرات بالدمام
شركة تنظيف شقق بالدمام
شركة تنظيف فلل بالدمام
شركة مكافحة حشرات بالخبر
شركة تنظيف منازل بالخبر
شركة تنظيف شقق بالخبر
شركة تسليك مجارى بالدمام
شركة تنظيف بالدمام
شركة مكافحة حشرات بالاحساء
شركة مكافحة النمل الابيض بالاحساء
شركة مكافحة حشرات بالجبيل
شركة مكافحة النمل الابيض بالجبيل
شركة تنظيف منازل بالجبيل
شركة تنظيف شقق بالجبيل
شركة مكافحة النمل الابيض بالدمام
إرسال تعليق