مدونة خالد

الجزء الشفاف.. من مفكرتي

أشرف يعيدني للتدوين

كنت ولا زلت، ذلك الشخص سريع الملل الذي لا يحب أن يعيش وعلى وجهه مكياج من الروتين.. متمرد على نظام العمل، على الأنشطة والممارسات الاجتماعية... حتى شعري المسكين لم يسلم من أشكال التسريحات أو "التقريعات"...
ورغم أنني أحب الكتابة منذ زمن، فإني لم أرس على منصة واحدة.. لكن الشيئين الوحيدين الأطول عمرا في حياتي هما هذه المدونة التي توشك أن تنهي عامها السابع وبعض الصداقات القليلة.

تعلن الطبيبة سناء خبر وفاة أشرف.. فيهتز قلبي حزنا عليه..
لماذا ردة الفعل هذه؟ من هو أشرف بالنسبة إليك حتى يكون لوفاته هذا الوقع؟؟ (من هي سناء هذه؟؟ السؤال الذي سيتبادر لذهن زوجتي وهي تقرأ هذه التدوينة :) )استغربت من حالي في البداية، لكن اللبس زال بعد ثوان معدودة..

لقد تعرفت على أشرف عندما كانت مدونتي رضيعة في أشهرها الأولى.. بدأت التدوين، والتحقت بثلة من الأصدقاء الذين لا زلت ألتقيهم ومنهم من اختفى ومنهم من طور مساره وأصبح صحافيا أد الدنيا وومنهم من طار له الفريخ..

عندما كتبت مروكية "أنا وأشرف" انخدعت في البداية لكني سرعان ما انتبهت.. ماشي حيت واعر ولا أنا دونجي.. لكني لمست نفس الأسلوب الذي تحدثت فيه عن "عاشقة من نوع خاص".. ولأنني أعرف ذلك النوع من الحب.. قدرت هذه العلاقة رغم أنني لم ألتقهما.

ارتبط أشرف بالنسبة لي بفترة ازدهار التدوين (الذي لا زلت أعتبر نفسي أحد أهم الأسباب التي عجلت بضموره بعد مشاكل خاصة منعت تنظيم الملتقى الثالث).. ارتبط أشرف في ذاكرتي بلعبة التراشق بالتدوينات، بتلاقح الأفكار، بمزيد من الوعي، بتغير كبير في حياتي.. لم يكن لأشرف دخل مباشر في كل ذلك، لكن القدر جعله رابطا حاضرا في ذهني يستحيل التخلي عنه.

ولهذا، رثاء لأشرف، ولأسباب أخرى، قررت أن أعود لمدونتي الجميلة
تتمة: "أشرف يعيدني للتدوين"

لن أقاطع هذه المرة

علاش لأول مرة فحياتي غادي نصوت؟؟ ولمن؟؟
1: علاش: 
دازو 3 حكومات وما تسجلت ما صوتت.. قاطعت.. وما ندمتشي.. 
لكن ف الوقت اللي وقع الانقلاب ف تركيا، من بين الأوائل اللي أدانوا الانقلاب هي أحزاب المعارضة، ليس حبا ف أردوغان أو حزبه، ولكن انتصارا للديموقراطية وحفاظا على المكتسب..
طبعا حنا باقين ما وصلنا لديك المستوى من الديموقراطية (اللي هي بحد ذاتها ماشي كاملة ولكن أحسن ما وصل له الإنسان لمحاولة تطبيق العدل)..
ولكن غادي نصوت كمساهمة للحفاظ على المكتسبات على قلتها.. نقدر ما نشاركشي ف البناء (أو بصيغة أدق، نقدر ما نشاركشي ف البناء بنفس الطريقة، حيت عملي وقناعاتي كنعتقد أنهم كيساهمو ف البناء ولو بطريقة مختلفة) ولكن أني نخلي دكشي يتهدم، فلا.
الخلاصة، سأصوت باش ما نرجعوشي خطوااااات للوراء وحتى حنا يكون عندنا حزب الدولة بحال تونس وانتخابات بحال د السيسي.....

هاد العاام، القضية ماشي فبرنامج انتخابي ولا غيرو.. هاد العام يا نزيدو لقدام ولو ببطء أو نرجعو لور
2: لمن:
الحيحة والروينة ما نايضاشي على عدد المقاعد وشكون الأحزاب المشاركة بلابلابلا..
مربط الفرس: شكون الأول؟؟ (حاتم عمور بلا ما تجاوب انت *_^) بريف.. البام لا..
-اليسار: كنلقى راسي فيه.. كنتفق معه بزااااااااف اكثر من أي توجه.. عاشرت ناس منو مستواهم عالي بزاف.. وما عندوشي مشكل مع الإسلام، وخا بزاف كيبغيو يسوقو لهاد النقطة، اللي كيأكدها تصرف بعض المحسوبين على اليسار.. ولكن ما غنصوتشي للفيدرالية لعدة أسباب:
أ. الفيدرالية ماشي منافس قوي على اللقب، وبالتالي تصويتي عليه تضييع على جهات أخرى أقدر على أنها توقف البام اللي داعمو المخزن بطريقة فوق المعقولة
ب. نفس المؤاخذات اللي كتتقال على العدالة والتنمية هي نفسها اللي ممكن يطيح فيها اليسار حيت حتى هوما باقين ما دخلو للمعمعة وبالتالي ما كايناشي ضمانات حقيقية، بل احتمال يفشل أكبر من فشل العدالة والتنمية لأنه ما عندوشي تجربة قوية حتى ف الجماعات عساك البلاد كاملة
ج. الفيدرالية وخصوصا الاشتراكي الموحد، خطابه محمل بالإديولوجية اكثر ما هو خطاب مدني، وفيه من "السلفية" (حسب مصطلح الأستاذ عبد ربه البخش) الشيء الكثير.. الحلم بإيقاظ اليسار من سباته.. غي كاينين سلفيين باغين يرجعونا 1400 عام وكاين اللي باغي يرجعنا للستينات والسبعينات

(إذا الانتخابات المقبلة خدم اليسار على الجماعات، الانتخابات اللي موراها نصوت عليه مغمض عيني.. هيكون أسس شوية د القاعدة وفنفس الوقت عطا نموذج د الخدمة.. الحلم وحده لا يكفي إخواني الرفاق)
- الاتحاد الاشتراكي والاستقلال... أحزاب عتيدة، شوهوها البراهش الجداد، ومع ذلك، نصوت عليهم وما نصوتشي على البام.. ولكن حتى هوما ما ينافسوشي على الأول
- العدالة والتنمية: دخل سخون.. عرف يلعب.. عرفو يلعبو به.. لو كان كيعمل pnl كان هيعرف أن كاينا قانون كيقول "الخريطة ليست هي المنطقة" أو "الخريطة ليست هي الواقع" .. كانت عندو الجرأة يفتح شي ملفات.. وعور لباباها عينها فملفات أخرى، و عارفو إذا عاود طلع هيصلح شي حويجات وهيرو حاجات آخرين.. ولكن بالنظر إلى مراحل الأداء الطبيعية (اللا أداء، الفاعلية، الفعالية، الكفاءة، الجودة، التميز).. كنشوفو ف الطريق الصحيحة..
صوتي سيذهب للعدالة والتنمية.. ماشي حبا فيه، بل إن الشيء الوحيد الذي كان يعجبني فيه ، وهو الديموقراطية الداخلية، بدأ يتآكل.. لكن حفاظا على المكتسب، والأقل ضررا
تتمة: "لن أقاطع هذه المرة"

الحي الشعبي.. مول الكورة.. والجنية

هادا واحد العايل تولد فحي شعبي فقير.. غي بدا الخطوات الأولى ديالو باه عطاه كورة.. الوليد ما عارفشي منين جات الكورة.. وما كيهموشي يعرف.. المهم هو بما أنه مول الكورة -كما يعرف جميع أبناء الأحياء الشعبية- فهو اللي من حقو يختار شكون يلعب وفاين وفوقاش هتسالي المباراة.
فالبداية، العايل المزيون كان كيلعب معه كلشي، وخا كيكون العدد زايد، مرة يعمل الداخلة مرة يطلب السماحة من اللي ما لعبوشي... المهم كان مزيان معهم.. شوية شوية بدا يكبر وبدا يحس بأهمية الكرة اللي عندو وأن اللي معه كيموتو على دك الكورة.. وعرف أنها فالأصل ماشي ديالو وأن باه غي خداها للوالدين دهادو اللي كيلعبوم معه بها.. خاف تضيع له.. خاف ما تبقاشي عندو دك القيمة اللي كيعطيوها له ولاد الحومة، حيت إذا ولات الكورة د كلشي هيكون من حق كلشي يختار شكون يلعب.. ودك الساعة هيولي الكوايري الحقيقي ضامن بلاصتو واللي غي كيخربقو هيجلسو يتفرجو.. وهو ما عندوشي مع دك الكوايري اللي باه سبق له سجل هدف ف باه، وما عندوشي مع الكوايري لاخر حيت وخا سبرديلتو مقطعة وكيبان ضعف منو عمرو خلاه يدوز..
الولد جاتو الجنية بالليل، ما خافشي منا.. حيت كان كيشوفا كتجي عند باه.. وشوشت له فودنو.. ابتسم ابتسامة عريييييضة.. ونعس.. ماشي شي نعااااس.. حيت كان يتسنى ف الصباح يجي داغيا باش يعمل اللي قالت له الجنية..
جا الصباح، وعلى غير العادة ما خرجشي عند ولاد الحومة.. طلع للسطح وتسناهم حتى تجمعو: الدراري.. ولينا بزاف.. واللعب ما بقاشي مزيان.. ما بقاشي الواحد يلعب تا يشبع.. علاش ما نعملوشي دوري؟؟ رحب الجميع بالفكرة.. وطلب منوم يعدلو لفراقي والقرعة ودكشي.. طبعا هنا بدا الغوت والدباز بين اللعابة فلان يلعب معانا لا معكم لا فلان كيضرب ما يلعبشي أصلا علااش شكون نتوما اللي تختارو حنا اللي كنعرفو نلعبو لا حنا اللي قدم منكم ف الحومة نتوما عاد جيتو من الدوار... وف هاد اللقطة كانو كلاو الطعم..
وقبل ما يعيقو وينتبهو عيط مول الكورة على شي صحابو: منير، فؤاد، المعطي، الجيلالي.. طلعو عندي للسطح عاونوني نجمع النشير علابد ما يساليو لفريق.. فهمو الميساج.. طلعو بالزربة للسطح.. وبداو يلعبو مع بعضم بارديدو مزيون ونقي واللعابة قلال.. وكلما قربو اللي لتحت يعيقو كيطلل شي واحد من السطح كبين لشي فرقة أنها تقولبت ف القسيم هتخسر داغيا باش تنوض تطالب يعاودو من الأول.. ويدا تزيرت القضية مزياااان وما لقاو كي يعملو يخربقو لفراقي كيطلل مول الكورة وكيعطي شي بلان جديد مثلا ما بغيناشي 8 د لفراقي بغينا 16 ولا الفرقة خص يكون فيها واحد دبوز يشد المرمى... وطبعا ما كاينشي اللي يقول لا حيت هو مول الكرة.. وكيعاودو لفريق من جديد..
أما اللي ف السطح، ناشطين مع راسوم.. ولاعبين فواحد الدوري غي صغير.. سميتو على ما قالو والله أعلم خدام الكورة.
تتمة: "الحي الشعبي.. مول الكورة.. والجنية"

عن POKEMON GO سأتحدث!!

"أحلم دوما أن أكون الأفضل بين الجميع، لذا أجمع البوكيمون سلاحي المنيع..."
لم يكن في الحسبان، أن السفر عبر الأرض بحثا عن البوكيمونات سيتم خارج جهاز التلفاز، على أرض لا تؤمن إلا بالرصاص سلاحا لخوض المعارك، فما بالنا بمخلوقات من الخيال العلمي أداة للسلام ونصرة الخير ودحر الشر عن الغير.

لكن العقل البشري لا زال يبهرنا مرة بعد أخرى ليؤكد لنا أن كل متوقع آت، وكل متخيل متحقق لا محالة، مقدما لنا هذه المرة المنتوج الجديد POKEMON GO الذي زعزع العالم أجمع وجعل جميع الأفواه والأقلام ولوحات المفاتيح تهب لتمدح وتهلل أو لتنقد وتحذر..

لكن النظر من زاوية واحدة لم يكن يوما صائبا، كما أن فرض الآراء الشخصية والعلمية على الآخرين لم يكن أبدا حقا. وبالتالي فالقصد من هذه التدوينة محاولة التطرق للموضوع من جهات مختلفة لتتضح الصورة أكثر من جهة، ومن جهة أخرى تبيان الأخطاء التي وقع فيها بعض أصحاب الرأي الذين جعلوا من أفكارهم حقائق يجب على الناس اتباعها وإلا "فالويل لكم إن لم تتبعوني في رأيي".

POKEMON GO والإبداع:

الإبداع باختصار هو التفكير في أشياء مألوفة بطريقة غير مألوفة.. لذا فلا مجال للاختلاف أن اللعبة فعلا إبداعية وأنها نقلة نوعية في مجال الألعاب الإلكترونية، ولا يحتقر ذلك إلا صنفان من الناس: جاحد للحق لا يعترف به، أو عبقري وصل لما هو أبعد من ذلك بكثير.
فتقنية الواقع المعزز من أهم التكنولوجيات التي تؤثر بشكل كبير على واقعنا وعلى مستقبل هذا العالم. ويمكن لمس الإبداع في فكرة اللعبة وطريقة اللعب التي تجمع بين المعارك الإلكترونية التقليدية والعمل الجماعي والحياتين الواقعية والافتراضية...

إيجابيات POKEMON GO:
"شخصيا، أرى أن أكبر إيجابياتها هذا النقاش الكبير الذي يكشف نقط قوة الإنسان ومكامن ضعفه"
من إيجابيات اللعبة المباشرة:
1. أنها تعلم اتخاذ القرار من خلال تطوير البوكيمونات وزيادة قواهم وبأيهم تعارك وكذا مبادلتهم... خلال اللعبة، حتما سيتخذ المغامر قرارات خاطئة سيتعلم منها كيف يوزع القوى على بوكيموناته...
2. تنمية الفضول: فتجد اللاعب يتساءل ويفكر ويبحث عن كل الطرق والإمكانيات التي يمكن أن توصله إلى أماكن يمكن أن يصطاد فيها وحوشا أخرى جديدة.
3. المتعة: حيث يمكن أن نلاحظ بسهولة بريق العينين والابتسامة العريضة التي تظهر على وجه المستخدمين عند رؤية بوكيمون واصطياده.. وقد عبر كثيرون عن استفادتهم من اللعبة.

أما إيجابياتها غير المباشرة فعديدة من بينها تعلم تحويل المسافة من الميل إلى المتر بطريقة مبطنة، وكذا اكتشاف بعض الخبايا التي ارتبطت بأماكن يقل التردد عليها، بفضل التنقل الكثير الذي تفرضه اللعبة والفضول الذي تخلقه في المغامر، فقد يكتشف أحد طرقا مختصرة قد يستعملها في حياته اليومية، أو ينتبه لمؤسسة معينة لم يكن يدرك أنها في محيطه... وغير ذلك كثير.

اللعبة ليست كاملة.. POKEMON GO لها سلبياتها:
لعل أخطر ما في اللعبة جمعها بين ضرورة التنقل وضرورة الانتباه لمثيرات شاشة اللعبة. (ويمكن تعريف الانتباه على أنه عملية تركيز الشعور على شيء مثير سواء كان هذا الأخير حسيا أو معنويا) لأن التنقل بحد ذاته يستدعي تركيز الشعور على مثيرات أخرى كالسيارات والحفر وأعمدة الإضاءة وباقي المارة وإشارات التحذير... ما قد يعرض سلامة اللاعب والآخرين للخطر سواء جسديا في حالة السقوط أو الاصطدام... أو انتهاك الخصوصيات أو مخالفة بعض القواعد

أما السلبيات غير المباشرة للعبة فمرتبطة بسببين:
1. نمط الحياة المتسارع لا يسمح للعديدين بتخصيص وقت خاص للعبة، ما يضطرهم لاستغلال أوقات الاستراحات أو الذهاب إلى العمل أو التسوق... للعب. تنشغل الذاكرة العاملة المسؤولة عن صنع القرار وتوجيه السلوك باللعبة فتضيع المصالح وتخلف المواعيد وقد تأخذك قدماك عكس اتجاه عملك (سابقا كان عذر التأخر عن المدرسة أو العمل: لم يرن المنبه، زحمة السير، القطار لم يأت في الموعد.. أما الآن: كنت تابع واحد البوكيمون وتعطلت!!!)
2. سهولة الوقوع في الإدمان: لأن POKEMON GO من الألعاب الأكثر تحفيزا للعقل البشري لاعتمادها على مبدإ  تتابع الإنجازات (كل إنجاز يفتح باب تحد جديد)، فسلوك الإنسان مرتبط بمبدأي اللذة والألم، أي أنه يقوم بأي فعل كان إما تحقيقا لمتعة ما أو تجنبا أمر سلبي لا يرغب في حدوثه، وهذا النوع من الألعاب يدفع الفرد إلى مواصلة اللعب أولا لتحقيق إنجازات جديدة لأنه يشعر بتقدير ذاتي أكبر وإظهار القوة أمام زملائه (لذة) وهربا من الملل لأن الحماس يخبو بالتعود، وتفاديا لتغلب أصدقائه عليه (ألم).
كما أن تأثير تقنية الواقع المعزز ليس محصورا فيما يشاهده اللاعب في شاشة هاتفه، بل يتعداه لما يشعر به كلما تردد على تلك الأماكن التي وجد فيها البوكيمونات أو خاض معركة.. فيعيش بذلك داخل اللعبة وإن كان هاتفه في جيبه.
السبب الثالث القوي الذي يجعل الوقوع في شراك إدمان هذه اللعبة سهلا هو الزواج الحاصل بين اللعبة بتقنياتها العالية والنوستالجيا الجميلة لأيام الطفولة أو المراهقة التي زامنت فترة بث البوكيمون على شكل رسوم متحركة. فذلك الإحساس الجميل يجعل المرء يتقبل اللعبة بصدر أرحب وفي وقت أسرع. استدعاء المشاعر الجميلة هو القوة الحقيقية التي ساهمت في انتشار اللعبة، وهو السبب الرئيسي في حالة وقوع إدمان.. ويمكننا توقع الكوارث التي يمكن أن تقع حينها.
                      
كيف استقبل العالم POKEMON GO:
علمني التدوين أن الناس في تعاملهم مع الأحداث ثلاثة أصناف: صنف يتابع الأحداث وينقلها، وصنف يقاومها ويقيم الحروب ضدها وصنف ثالث يصنع الأحداث ويؤثر في العالم ويغير فيه..
الصنف الأول: ويمثله عدد من المؤسسات الإخبارية بمختلف أنواعها، تابعت انتشار اللعبة وأرباح الشركة وإحصاءات مقارنة مع تطبيقات أخرى... وقامت كذلك بنقل أخبار الطرائف الجرائم التي ارتبطت بشكل مباشر أو غير مباشر باللعبة.
الصنف الثاني: وقد تنوعت أشكال المقاومة، منها ما بني على قرائن معقولة ومنها ما أبرز بلادة بعض الأجهزة والأفراد أو على الأقل مراهقتهم العقلية في التعامل مع الواقع.. وهذه أمثلة لعمليات المقاومة:
1. بيكاتشو الجاسوس: لا يمكن إنكار أن عددا من الألعاب والتطبيقات تستخدم لجمع أكبر عدد من المعلومات لفائدة الأجهزة الاستخباراتية الكبرى، تقوم بتحليلها والخروج بخطط عمل في مختلف المجالات، لكن التعامل الأعمى مع هذه النقطة قد ينتج عنه تهويل لبسيط أو تبسيط لفاذح:
  • بالموازاة مع الضجة التي أحدثتها اللعبة، قامت ضجة أخرى بخصوص انتهاك الشركة لخصوصيات المستخدم لأنها تملك صلاحية كاملة للدخول إلى حسابات google. ما يثير استغرابي هو: ما الفرق بين أن تملك google تلك المعلومات وبين أن تملكه شركة أخرى؟؟ أليس الأولى لمن يخاف على خصوصيته الامتناع أصلا عن فتح حساب مع شركة لا تعتمد التشفير التام أو ما يسمى end-to-end encryption؟ أليست الخصوصية التي يتحدثون عن انتهاكها منتهكة أصلا؟
  • آخرون اعتبروا أن عملية فتح الكاميرا تساعد على التقاط صور لمختلف الأماكن ما يساعد على التجسس، والعجيب أنني سمعت هذا الكلام من أفواه من يصنفون ضمن خانة الخبراء في التقنية. هل نسي هؤلاء أن لواقط الصوت بهواتفنا وكاميراتها تعمل حتى ولو لم تكن مشغلة؟ وأن أجهزة الاستخبارات بكل البلدان قادرة على تتبع الهواتف والاستماع إلى ما يدور حولها دون الحاجة إلى لعبة أو إلى تشغيل الكاميرا (إلا في حالة فصل البطارية.. وهادي وشوف تشوف)؟؟ وهل غفلوا أن الأقمار الصناعية قادرة على تصوير كل بقعة في العالم وأن اللعبة أصلا مبنية على خدمة GPS التي هي دليل خرائط دقيق للطرق والمنشآت بالمنطقة؟؟ وبالتالي فهذه الحجة واهية لمقاومة حدث عالمي من هذا الحجم.. وهي صحيحة فقط في بعض المناطق الحساسة، كمقرات الدولة والجيش، على غرار قرار الجيش الصهيوني منع الجنود من لعب اللعبة داخل الثكنات...
  • عشاق نظرية المؤامرة العالمية على العرب والمسلمين اعتبروا POKEMON GO وسيلة من وسائل الغزو الفكري الذي يستهدف الأمة، من أجل إلهائها من بينهم محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية، وكأنهم لم يعلموا أن العرب هم من بحث عن رابط لتنزيل اللعبة لأنها لم تطرح بعد ببلدانهم؟؟؟؟
  • أتباع يسوع طالتهم عدوى المؤامرة.. وبدؤوا يتساءلون عن سبب تواجد عدد من البوكيمونات والمراكز بالكنائي؟ وهل هي يا ترى محاولة خفية لإعادة الشباب إلى دور العبادة؟؟ منهم من طرح الأسئلة بجدية ومنهم من طرح الأمر على شكل مزاح.
ما يستحق التنبيه في نظري بشكل أكثر جدية، استغلال هذه اللعبة من طرف اللصوص المحترفين على اصطياد فرائسهم، وتحذير المستعملين وتزويدهم باحتياطات سلامة يراعونها أثناء اللعب.

2. بولباسور الكافر:
في الوقت الذي اعتبر البعض أن اللعبة (وغيرها) مكروهة لتضييع الوقت فيما لا فائدة فيه، وأنها قد تصبح حراما إذا تطور الأمر إلى تضييع الفرائض أو إذاية الناس -وهو كلام معقول شرعا- فإن من مظاهر المقاومة التي لا أجد لها وصفا، ما خرج به المدقق اللغوي والقيادي السلفي سامح عبد الحميد حمودة، بأن اللعبة حرام لأنها تدعم نظرية النشوء والارتقاء لداروين!!!!

الصنف الثالث: هؤلاء جهات تعتبر أن كل حدث عالمي بوابة لصنع التغيير والتطوير والتقدم، وكأمثلة على ذلك:
  • على غرار العصا التي زامنت تسونامي السيلفي، طرح البعض جهاز Dronemon go الذي هو آلة تمكن من إرسال الهاتف عبر الجو والتنقل عبر الأزقة  واللعب دون مغادرة المكان.. حل عملي لمن أغرتهم اللعبة لكن كسلهم منعهم من الخروج ^_^
  • مباشرة بعد الضجة، ها هي ذي هوليود تسارع لإنتاج فيلم عن البوكيمونات، وحتما ستكون المفاوضات مستعرة بخصوص حقوق الشركات المعنية.
  • على الصعيد المحلي، قام فندق مغربي بالترويج لنفسه بإبراز خصائصه التي تسمح بلعب هذه اللعبة في فضاءاته بشكل مريح كالإشارة إلى المساحة الكبيرة وتعدد المرافق مدعما بصور للعبة من داخل الفندق.
POKEMON GO والأطفال:
للبالغين كل الحرية في اختيار الصائب لهم من عدمه ويتوقف دورنا في تقديم النصح. لكن الأطفال أمانة في أعناقنا، من واجبنا توفير كل متطلبات النمو السليم لهم والدفاع عن حقوقهم. وهذا رأيي في اللعبة بالنسبة للأطفال، انطلاقا من تخصصي والأمانة التي أحملها على عاتقي:
  • أقل من 3 سنوات:
    أعتبر جريمة في حق الطفل إعطاءه أجهزة إلكترونية بصفة عامة. لأنها فترة اكتمال النمو وتطور عدد من الوظائف. هذه الأجهزة بإضاءتها وأصواتها وموجاتها قادرة على التأثير سلبا على نظر سمع وقدرات الطفل الدماغية.
  • بين 3 و6 سنوات:
    وهي مرحلة بناء المهارات الحياتية والتواصلية، واستعمال الأجهزة الإلكترونية بدل الأنشطة الحركية والألعاب الحقيقية يقلص بشكل كبير مقدار التعلم سواء على مستوى المهارات، العلاقات الاجتماعية أو على مستوى الرصيد اللغوي كما أنها تؤثر سلبا على التركيز والانتباه.. ويمكن السماح باستعمال هذه الأجهزة، بشكل حذر جدا، خصوصا ألعاب الفيديو، للصعوبة الشديدة في فصل الاستفادة الضئيلة عن الضرر الكبير (ما يجعل تفاديها في هو الأصلح). لكن POKEMON GO ومثيلاتها في نظري ممنوعة منعا كليا في هذه الفترة. إذ في إطار النمو العقلي للطفل في هذه المرحلة يظهر عنده الكذب بمختلف أنواعه، خاصة الكذب الخيالي والكذب الالتباسي، ففي الأول يخترع الطفل مواقف وشخصيات يدعي حدوثها أو لقاءها. لا يعتبر ذلك كذبا بمفهومه السلبي، فقط يحتاج الوالدان تعليمه الفرق بين الواقع والخيال. لكن اللعبة تزيد من اتساع خياله ما يصعب مهمة الوالدين. أما في حالة الكذب الالتباسي، الذي يرجع بالأساس إلى اختلاط الواقع بالخيال عند الطفل بسبب ضعف قدراته العقلية كأن يسمع قصة من جدته ثم تجده يحكيها وكأنها حقيقة عاشها... فإن ألعاب الواقع المعزز أو متعددة الأبعاد تزيد الأمر استفحالا وسوء
  • فوق 6 سنوات: يمكن لعب هذه اللعبة بشرط قصر مدة اللعب واتخاذ أولياء الأمور كل احتياطات السلامة ومرافقة أبنائهم في الطريق وتكثيف الأنشطة الاجتماعية في المقابل.
رأيي الشخصي في اللعبة:
لم تتجاوز اللعبة أكثر من 24 ساعة بهاتفي، لاستهلاكها البطارية بشكل شره، إلى جانب أنني أحسست أنني مقيد، تأخذني اللعبة إلى حيث تريد هي، لا إلى حيث أريد أنا.
لكن على العموم، لا أعارض استخدامها، إذا تمت مراعاة بعض الخصوصيات، فلا يعقل أن يبحث أحد عن البوكيمونات داخل مقبرة أو يمرر يده عبر أسلاك حديقة الجيران.. يالاه.. كلها يلعب حدا باب دارو
تتمة: "عن POKEMON GO سأتحدث!!"

عذرا نزار.. في وطني أقسم نصفين

"تقسمني نصفين
كالهلال
تحتل نفسي أطول احتلال
وأجمل احتلال"
عذرا نزار.. لم أجد الجمال حيت انقسمت.. لم أجد الجمال حين احتللت..
لا أعتقد أنك جربت الانقسام حين يقف أمامك طفل صغير حافي القدمين قميصه القصير لا يغطي بطنه المنفوخة بالهواء ورائحة الكحول تفوح منه.. أتقدم له وجبة يسد بها جوعه أو درهما يعطيه لوالدته التي تنتظر "الروسيطة" آخر اليوم أم تمتنع.. هل ستستمع لإنسانيتك ودفء قلبك أم ستستسلم لعقلك الذي يرفض أن يشجعهم حتی يضيقوا ذرعا فإما يصلحوا أنفسهم وإما تتحمل الدولة المتكاسلة مسؤوليتهم؟!

لا أعتقد أنك جربت الانقسام حين يفتخر إعلام بلدك بوهم الإنجازات ويتحدث طهي الحلزون وتربية الأرانب ودور ذلك في التنمية.. أ تستقل أول طائرة إلی الموزمبيق تقضي حياتك في زراعة النعناع أم تبقی مناضلا تنفع وطنك بما أوتيت من علم؟!

لا أعتقد أنك جربت الانقسام حين تطلب من المسؤولين الترخيص لك بالقيام بحملات تطبيب مجانية هي في صميم اختصاصهم فيرفضون في مقابل أن يسمح لشاكيرا وإلتون جون الرقص علی جراح الوطن ثم يرخصون لأولويز أن تقوم "بتوعية" بناتنا المقبلات علی البلوغ؟!

لا أعتقد أنك جربت الانقسام حين يندد بلدي بانتهاك حرمته والتأكيد علی استقلاليته وتخوين من قال بغير ذلك ثم يطلب منك أن تدلي بوثائق كلها بلغة العدو المستعمر؟!

هل جربت يا نزار أن يضمك الوطن حتی تختلف أضلاعك فتصبر، وأن يمرغ أنفك في التراب فتسامح، وأن تمد يدك لتنتشله من الوحل فيعضها فتدمع عينك مبتسما صابرا وتكمل.. ثم في النهاية يطلب منك شهادة 12 من الموتی أمثالك ليقدم لك شهادة الحياة؟!

عذرا نزار.. في وطني أقسم نصفين.. وأي انقسام.. وأي انفصام!!!
تتمة: "عذرا نزار.. في وطني أقسم نصفين"

التعليم والثقافة.. عندما تهين الدولة نفسها

لم يكن بالإمكان أن تمر فاجعة الوزير بلمختار عبثا. أن يصرح وزير أنه لا يعرف لغة بلده الرسمية فهو خطأ في مقتل، أستغرب كيف مر علی رئيس الحكومة والمجلس الأعلی "للتعليب" وملك البلاد بهذه البساطة.. صراحة، بالغت حيت قلت "أستغرب".. لا مجال للاستغراب، بل طبيعي جدا أن يحدث ذلك في بلد يعاني من كل أشكال التخلف. سأكون غبيا إن انتظرت أن تقوم القيامة علی مسيو بلمختار كما قامت علی الوزير الخلفي الذي أهان لغة "ماما جدة" فرنسا. وأعتقد أنه لو لم يكن من قبيلة الحزب الحاكم لوقع ما وقع. 

فاصل نواحي:
الله يرحمك يا المهدي يا المنجرة.. شوف اللغة الأم فين هي وتنبأ لنا بالطريق!!
الله يرحمك يا علال الفاسي.. شوف بادو وشباط شدارو ف اللغة اللي كتبتي بها الأشعار والمؤلفات...

عدنا:
الإهانة تخف إن كانت مع من تعودت الدولة الانبطاح أمامها.. لكن وزير الثقافة أبی إلا أن يساند زميلة بالتعليم وقرر بدوره إهانة الدولة أمام نموذج يعكر مزاج الحكام ويقض مضجعهم.. نعم.. قرر أن يهين نفسه وبلده أمام تركيا العظيمة في عقر داره.
قبل أسبوع نظمت تركيا أياما ثقافية تعرف فيها بتراثها وفنها وتقاليدها بتعاون مع الثقافة المغربية. وكلنا نعلم قيمة هذه المناسبات في رسم صورة (إيجابية أو سلبية) عن الدول المتعاونة فيما بينها.
حضرت الأمسية الافتتاحية التي قدمت الفلكلور والغناء التركي، لكني لم أستمتع كما كنت أرجو. ليس لضعف في المعروض.. أبدا.. فقد كان في قمة الروعة. لكن دولتي أصرت علی إهانة نفسها وتنغيص متعتي علي منذ البداية:
وقف رجل وامرأة علی الخشبة لتقديم الحفل علی شرف وفد رسمي:
"هررم زررم بررم...." التركية كتشير.. ما قشعت تا لعبة (هررم...فقط أصف همهمة الأتراك ولا أنتقص من لغتهم)
لا بأس في ذلك، هم دوما فخورون بلغتهم، وهذه أيامهم، وسفيرهم (علی حد علمي) بين الحضور.. عادي جدا إذن.
الكل ينتظر الفتاة لتتحدث مترجمة ما قال. وأخيرا انطلق لسانها:
"ميدام زي مسيو بونسواغ" أحسست بالأرض تدور من حولي، التفتت فإذا بي أنتبه إلی أن كل اللافتات والإعلانات هي بالتركية والفرنسية.. يا سلااام.. شوهتونا مع السلطان سليمان.

تساءلت.. إن كان هذا حال التعليم والثقافة فإلی أي كهف مظلم نسير؟؟!! ها نحن نقترب من الزقاق المظلم.. وتما هيشدونا يعطيونا ملخة من داااكشي..

كيف لدولة لا تحترم نفسها أن تحجز لنفسها مقعدا في بيت الكرامة؟
إنا لله وإنا إليه راجعون.. واللي بغا فرنسا الله يعطيه طيارة بلا روتور
تتمة: "التعليم والثقافة.. عندما تهين الدولة نفسها"